مقتل لاجئ سوداني من إقليم دارفور بسبب التعذيب في معتقل لأمن الدولة المصري

مقتل لاجئ سوداني من إقليم دارفور بسبب التعذيب في معتقل لأمن الدولة المصري

قتل السيد إسحاق إسماعيل مطر محمد في إحدى المراكز المجهولة لسلطات الأمنية المصرية؛ حيث اعتقل قسريا منذ 16 جانوير 2010 هو واثنين من رفاقه في حي ست أكتوبر. وانتشرت بين اللاجئين أخبار حول تعرض المعتقلين لصنوف مختلفة من التعذيب شملت الضرب والصعق بالكهرباء والتغطيس في الماء البارد؛ ولم يتحمل ذلك جسد الضحية حيث فارق الحياة في داخل المعتقل منذ ثلاث أسابيع.

ولا يزال عدد غير معروف من اللاجئين وطالبي اللجوء من السودانيين معتقلين بسجون مختلفة في مصر، يواجهون التعذيب و محاكمات لا تتوفر فيها أبسط حقوق المتهمين وأساسيات المحاكمة العادلة. وقد جرت عمليات اعتقالهم جميعا خلال الأشهر الأولى من العام الحالي في حملة اعتقالات شنها جهاز أمن الدولة المصري في حق لاجئين وملتمسي لجوء غالبيتهم من إقليم دارفور المضطرب تحت ادعاءات أبرزها مساعدة أشخاص في التسلل إلى دولة إسرائيل.

وكان معتقلين بأعداد كبيرة قد اختفوا قسريا لمدة ثلاث أشهر وتم التعرف على أماكن اعتفالهم بمراكز أمن الدولة المصري حيث ظهروا بسجن طرة المزرعة في 8 افريل أمام محكمة العباسية متهمين من قبل نيابة أمن الدولة. فيما ذكرت تواترت أخبارية وقتها ان اثنين من اللاجئين- لم يحدد أسماءهم – كانوا قد نقلوا إلى المستشفى كما فقد لاجئ ثالث عقله من جراء التعذيب بينما فارق اللاجئ إسحاق مطر الحياة لذات السبب.

والسيد إسحاق مطر المشهور (بعمك إسحاق) البالغ من العمر 53 عاما ولد ببلدة صليعة بجنوب إقليم دارفور؛ وهو والد لبنتين وولدين كان قد غادر بلاده بعد تعرضه للتعذيب والاضطهاد وقد تسبب له ذلك بشلل في أجهزة القلب وكان في انتظار إجراء عملية لإصلاح صمام بالقلب. لكن المفوضية السامية لشئون اللاجئين وشريكها التنفيذي (كاريتاز) تباطئوا بسبب ارتفاع تكاليف العملية. ويعتقد انه فارق الحياة بسبب تعرضه لصعقة كهربائية داخل الحبس حيث لم تتمكن أجهزة قلبه من التحمل .

ويذكر أن السفارة السودانية بالقاهرة تتعاون مع السلطات الأمنية المصرية في حملات اعتقال اللاجئين وتعذيبهم وترحيلهم إلى السودان بأوراق سفر تصدرها السفارة. ويقول أصدقاء اللاجئ المتوفي إسحاق مطر أنهم تلقوا اتصالا من السفارة السودانية في ليلة 19 افريل نقل إليهم نبأ مقتله لدى احتجازه بأمن الدولة المصري دون تحديد للمكان. وذكر الاتصال ان الحدث وقع قبل ثلاث أسابيع وجرى التكتم عليه. وأضافوا أن السلطات المصرية سلمتهم جثمانه كما طلبوا من عائلته الموافقة على دفنه بمصر”بكل بساطة كأنما شئ لم يحدث “ على حد تعبير أحد أقاربه في السودان .

إسحاق مطر لاجئ ويحمل بطاقة من المفوضية السامية؛ وهذا يعني أن حمايته مسئولية مفوضية اللاجئين بمصر، ولا تملك السفارة السودانية بالقاهرة الحق في التدخل كونها ممثلة للحكومة التي ساهمت في طردهعن موطنه ، ناهيك عن الاهتمام بأمره أو بتفاصيل جثمانه. لكن السفارة السودانية تقول انه لا يوجد من يهتم بجثامين المتوفين من اللاجئين السودانيين بمستشفيات مصر؛ وأنها دائما ما تتلقى اتصالات من هذا النوع. ويوضح ذلك أن السودانيين رعايا بفتقرون الى أدنى درجات الاهتمام.

مطلوب فتح تحقيق في ملابسات مقتل اللاجئ السوداني إسحاق مطر؛ وفي وضع كل اللاجئين السودانيين الذين تعرضوا ولا زالوا يتعرضون لشتى صنوف التعذيب، بينما لا يتلقون الرعاية الصحية الكافية خارج السجون المصرية. كما يجب التحقيق مع الدولة المصرية في تعذيب المعتقلين وحالات الإختفاء القسري للاجئين السودانيين ومحاسبة المسئولين الضالعين في عملية القتل والتعذيب.

و تتضارب الروايات حول الرقم الحقيقي للسودانيين من بين العدد الكبير للمعتقلين الأفارقة في السجون المصرية؛ غالبهم طالبي لجؤء أو لاجئين من إقليم دارفور كانوا قد اعتقلوا خلال حملة اعتقالات السلطات الأمنية ؛أو تم القاء القبض عليهم متسللين عند الحدود المشتركة بين مصر وكل من ليبيا و إسرائيل والسودان أو من الطرقات والشقق والمقاهي بالقاهرة.

تشير تقارير السجون لتواجد السودانيين بالسجون المصرية بأرقام كبيرة وحالات مقلقة للقانون الدولي والضمير الإنساني. ونؤكد أن الإحصائيات الدقيقة لنزلاء السجون والمعتقلات غير متوفرة؛ وأن أوضاع المعتقلين والمسجونين مقلقة للغاية؛ خاصة في ظل تعرضهم للتعذيب واتهامات تفتقر إلى المصداقية والأدلة؛ إذ ترفض الجهات الأمنية المصرية أن يوكلوا محامين من طرفهم ويتعرضون لمحاكمات انتقائية.

إن وضع السودانيين نزلاء السجون المصرية ومن ضمنهم اللاجئين وطالبي اللجوء في ظل انهيار مسئولية دولتهم عنهم، وعدم قدرة المفوضية السامية لشئون اللاجئين على تحمل مسئولياتها تجاهم تخلق واقعا إنسانيا مريرا، يوخز الضمير الإنساني ويضع المسئولية على عاتق نشطاء الضمير الإنساني الحي وحقوق الإنسان والمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية المصرية والأجنبية لكي تتحرك بفعالية أكبر.

كما أن الدولة المصرية مطالبة بتقديم بيانات حقيقية حول أعداد الأفارقة في سجونها؛ وتبيان أرقام النزلاء السودانيين وأسباب اعتقالهم وطبيعة أوضاعهم الصحية. بالإضافة للتحقيق في حالات التعذيب والقتل والعمل من اجل السماح بتوكيل محاميين من طرف المعتقلين للدفاع عنهم .

مركز السودان المعاصر

قسم الرصد الصحفي

ليست هناك تعليقات: